أهم 3 أعراض لفشل المنظمات

(يشاركنا اليوم  د. خالد بن سليمان الراجحي بهذا المقال المستمد من خبرته الإدارية العريقة) 

لأي مرض كان أعراضٌ يستدل بها الشخص على مرضه، وعندما يذهب للطبيب المختص يستخدم الطبيب هذه الأعراض لتشخيص المرض أولاً ثم لمعالجته حتى يبرأ الجسم وتزول الأعراض، الحال في المنظمات لا يختلف كثيراً فهناك أعراض لفشل المنظمات يستخدمها المختصون لمعرفة ما تواجهه المنظمة من مشاكل، ومع كثرة هذه الأعراض تجد أن هناك ثلاثة أعراض دائماً ما تكون عنواناً للمنظمات الفاشلة أو التى تتجه للفشل:

١- كثرة الاجتماعات وطولها:

الاجتماعات من ضروريات العمل ولا يخلو عملٌ منها وهي من الوسائل المهمة لتسيير العمل وحل المشكلات والوصول إلى قرارات شاملة وحكيمة، ولكن هذه الوسيلة لها عناصر للنجاح لتبقى فاعلة، كما أنها قد تكون أحد وسائل الهدم في المنظمة.

ليكون الاجتماع فاعلاً يجب أن يكون واضحَ الهدف، محدد المدة، ومتوفراً على جميع العناصر والأشخاص، المهم وجودهم في الاجتماع، فكثيراً ما يبدأ الاجتماع بدون توفر المعلومات الكافية المطلوبة أو عدم وجود الأشخاص الذين لهم دورٌ مهمٌ في الاجتماع فيبدأ الاجتماع وينتهي دون نتيجة، والمنظمة ذات الاجتماعات الكثيرة والطويلة تتحول مع الوقت لبيئة طاردة للأشخاص الفاعلين، فالاجتماعات الطويلة تجعل البيئة مملة وغير منتجة.

وفي الاجتماعات يكون دور رئيس الاجتماع هام جداً في إدارة الاجتماع والوصول إلى تحقيق هدف الاجتماع والمدير غير المنتج في العادة يحب الاجتماعات الكثيرة لأنها تشعره بالفاعلية الوهمية فهو مشغول طوال الأسبوع بدون فاعلية تذكر، والجدير بالذكر بأن هناك حالات تتطلب اجتماعات مكثفة مثل اجتماعات الاستراتيجية، واجتماعات بداية ونهاية المشاريع الكبيرة ولكن لا يجب أن يكون ذلك هو السمت العام للمنظمة.

٢- مركزية القرارات:

المنظمة بدون قرارات ليست منظمة ووجودها هو تكلفة إضافية بدون نتائج تذكر، وعادةً هناك خطوات للوصول للقرار السليم من خلال تحديد الخيارات ثم تقييم التكلفة والمنفعة لكل قرار وبعدها يتم القرار على أن يتم تقييم نتائجه للاستفادة من التقييم في القرارات القادمة. على ذلك وبعدد هذه القرارات يتم اللجوء لهذه الخطوات مع كل قرار جديد وذلك يتم في الغالب بشكل يومي وهنا تكمن إشكالية مركزية القرارات.

مركزية القرارات تعني أن قرارات المنظمة تتمركز لدى شخص واحد، أو عدد محدود من الأشخاص بما لا يتناسب مع حجم المنظمة، وعندما تتمركز القرارات لا يتفاعل العاملون معها ولا يشعرون بالمسؤولية تجاهها، والأهم من ذلك أنه مع كبر المنظمة وزيادة عدد القرارات تتأخر هذه القرارات لتمركزها أو أنها تتم بدون تحليل كافي.

فالحل هنا هو تحويل جزء من هذه القرارات للإدارات المختصة مع تقييمها بوسائل قياس إدارية معروفة من خلال قياس النتائج وترك التفاصيل للإدارات ، على أن تبقى القرارات الاستراتيجية المحدودة فقط بأيدي الإدارة العليا.

٣- سرعة دوران الموظفين:

من الثابت لكل فطن إدارياً بأن العاملين هم أهم عوامل نجاح المنظمة أياً كانت، لذلك يعتبر الاهتمام بهم وتدريبهم وتمكينهم أحد أهم عناصر نجاح المنظمة، وكل ما ازدادت سنوات خبرة العامل مع المنظمة كلما زادت قيمته وفاعليته إلا في حالات شاذة، لذلك يجب الحفاظ على هذه الثروة الهامة.

ولكن إذا كانت البيئة طاردة وغير ممتعة فقد يتم خسارة العاملين الذين قد تستقطبهم منظمات آخرى تهتم بهم أكثر وتهيئ لهم بيئة عمل مناسبة، وهناك وسيلة لقياس نسبة دوران العاملين بحساب نسبة من يترك العمل من العاملين إلى العدد الكلي للعاملين خلال عام، وبناء على هذه النسبة نستطيع معرفة إن كانت البيئة في المنظمة طاردة أو جاذبة، وبمقارنة هذه النسبة مع النسب لدى المنظمات الأخرى يتبين مدى حجم المشكلة، وكل ما زادت نسبة دوران الموظفين زادت التكلفة على المنظمة من حيث ارتفاع تكلفة استقطاب البدائل وتكلفة تدريب العاملين الجدد لإتقان العمل.

على ذلك يجب أن تتم متابعة نسبة دوران العاملين على أعلى مستوى في المنظمة ومعالجة أسبابها إذا كانت مرتفعة.

الخلاصة : إن ما ذكر أعلاه من أعراض تساعد على معرفة مدى قدرة المنظمة على النجاح والاستمرار، لذلك يجب على كل مالك أو مسؤول عن أي منظمة التنبه لها إن كانت موجودة، فإن كانت موجودة يجب التعامل عاجلاً معها وإن لم تكن فليحافظ على وضعه القائم، فالثابت أن هناك عدداً قليلاً جداً من المنظمات خالية من كل هذه الأعراض.

الردود

  1. وائل الراشد :

    ماأجمل المقال إذا كتب بقلم الخبرة ومداد التجربة يعطيك العافية د. خالد و د.بدر.
    العاملون هم رأس المال الحقيقي عبارة يرددها كثير من الملاك ومتخذي القرار لكنهم يفشلون في كثير من الأحيان في ترجمة ذلك على أرض الواقع فتنتشر أمراض المركزية التي من أعراضها كثرة الاجتماعات وطولها والتسرب الوظيفي.

  2. منى الحربي :

    شكرًا دكتور بدر على هذا الإثراء المعرفي من واقع عملي .. بما ان الدكتور الراجحي ذكر سرعة الدوران الموظفين بشكل عام او من خلال القطاع الذي يعمل به .. اريد ان أعرف اعرف وجهة نظرك من منظور سياحي عن سرعة دوران الموظفين السعوديين تحديدا في قطاع الضيافة ؟ حيث من خلال بحثي وجدت كثير من مدراء الفنادق لايرغبون في تدريب موظفينهم وان القديم يدرب الجديد بحجة سرعة الدوران وعدم وجود العلاقة القانونية المقننة في العقد الذي يحفظ للمدير /المالك حقه ؟ ولماذا لازالت السعودة لاتصل إلى شغل الإدارات العليا في الفنادق العاليه التصنيف ؟ على عكس قطاع البنوك الذي بدأت إدارته العليا منذ أربعين سنة بمتخصصين اجانب والان اغلبها مسعوده ؟
    لك خالص شكري وتقديري

    • balbadr :

      اخت منى
      اتفق متك في تحليلك العام لقطاع الضيافة من حيث معدلات الدوران العالية، وضعف التدريب، وسعودة الادارة.
      وهناك مشكلات هيكلية في سوق العمل عامة تظهر بحدة في قطاع الضيافة. وانا مهتم بالاطلاع على بحثك في هذا المجال.
      ولك التحية.

  3. Pingback: ماهي المهام اليومية للقائد؟ حوار مع قائد جديد | النجاح رحلة Success is a journey

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.