لماذا تقبل أن تكون وزيرا؟

هل تنتقل لوظيفة بربع راتبك وجزء من صلاحياتك واحتمالات أقل للنجاح؟

لو سألت قائد ناجحا هذا السؤال فمن المتوقع أن تكون الإجابة بالرفض، فمن يقبل تحديا أصعب بجزء بسيط من الراتب، مع تقييد أوثق لليد في العمل. والأسوأ أنه في عمله معرض للنقد يوميا من شرائح متباينة إن أرضى شريحة أغضب أخرى، وفوق هذا كله هو عرضة للإقالة في أي لحظة لأسباب سياسية. ويقال أن التوزير مقبرة حيث أنه بعد الإقالة من النادر أن يجد الوزير السابق عملا في القطاع العام (الذي أقيل منه) أو الخاص الذي يخشى من حجم نظرته الذاتية المتضخمة لنفسه (ego).

ولكن هذا ما يفعله الوزراء المعينون من القطاع الخاص دوما، ليس فقط هنا ولكن في كثير من دول العالم. ومن المؤكد أنهم غير مجبورين في قبول هذا التكليف، فإذن لماذا يوافقون؟

ومع تجاوز النظريات الشاطحة من وجود شرهات ومنح، وفرص من التربح بالفساد والتي هي نادرة إن وجدت، فإن الحالة الغالبة أن من يوافق له أسبابه المنطقية.  لو استطلعنا آراء الناس في أسباب قبول التكليف قد تجد أن الرأي الغالب هو الوجاهة التي تأتي مع المنصب ومن ضمنها اللقب. وقد يكون هذا سببا كافيا للبعض ولكن هل يكفي لمعادلة كل السلبيات السابقة وخصوصا للقادة الناجحين المعروفين؟

من معرفتي الشخصية ببعض الوزراء المنتقلين من القطاع الخاص، أجزم أن السبب الرئيسي لهم هو رغبة في الإصلاح وحب في التحدي، وهي صفات أصيلة في القائد الناجح، وبالفعل أستطاع بعضهم بجدارة مواجهة التحدي وقاموا بنقلة نوعية في مجالات أعمالهم.

وبفرضية السعي للإنجاز كحافز رئيس لقبول المنصب، فإن هناك ممارسات قيادية عدة تساعد في النجاح من أهمها:

  • تحديد رؤية استراتيجية للقطاع يحدد توجهاته الرئيسية والمجالات التي سيقدم في الخدمة أصالة والمجالات التي سيكون دوره فيها محفزا ومساندا.
  • وضع خطة زمنية للقطاع يطلع عليها الجمهور ليساعد على تزامن التوقعات بين الوزارة والجمهور ويقلل من خيبات الأمل، مع إعلان مؤشرات أداء تقاس وتعلن دوريا.
  • التشاور مع الجمهور ومع الجهات المستفيدة والمتأثرة من عمل الوزارة في وضع الأنظمة واللوائح والتنظيمات الجديدة والمؤثرة.
  • استخدام أسلوب إدارة التغيير في التواصل مع فريق عمل الوزارة ومع الجمهور.
  • تحديد مكاسب أولية يتأكد من تحقيقها في أول ثلاثة أشهر من عمله، بحيث تكون وقودا من الحماس لتحقيق الخطة الشاملة للتغيير.

أدعو الله تعالى لهؤلاء القادة – الجدد والمتجددين منهم – أن يثيبهم على قبولهم التحدي، وأن يعينهم على النجاح فيه.

الردود

  1. Ali Sheneamer :

    قام بإعادة تدوين هذه على سرديات وأضاف التعليق:
    من تدوينات صديقي العزيز الدكتور بدر البدر الذي يدون في مواضيع القيادة بشكل عام. أتمنى أن تحوز على إعجابكم.

  2. lilac :

    “ومن المؤكد أنهم غير مجبورين في قبول هذا التكليف”
    يعني تبي تفهمنا اذا قالوا لك عبدالله بن عبدالعزيز يبيك وزير بالمكان الفلاني بتقدر تقول شكرا لا خل الملك يدور غيري..

  3. tariqmoustaneer :

    الوزارة بين التكليف و التشريف

    الوزارة غاية ما يصبو إليه القياديين فما بعده إلا رئاسة الوزراء وهو حكم الدولة .. في بلاد لا تتبع نظام الحكم الملكي ..

    أمانة ثقيلة للبعض يقول الرسول صلى الله عليه و سلم “ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوثقه إثمه، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة”

    ولنا في الشيخ الشعراوي و كشك مثال على رفض مشيخة الأزهر .. و د. علي النملة المستقيل من تولي الوزارة ..

    ومنهم من ينتفع بالمنصب و بوجاهته .. خير من رئاسة شركة في القطاع الخاص ..

  4. ihudaif :

    الصعوبة تكمن عند تنفيذ الاستراتيجية هي الصلاحيات المتاحة لهم والا الاستشارات موجودة بالكيلو والرؤية كذلك ..

    وزارة الصحة في عهد فقيه استدعت كبار بيوت خبرة في الادارة وبقيت اسيرة الادراج!

  5. د. محمد الملحم :

    ولذلك تركت العمل القيادي كمدير عام وانتقلت للقطاع الخاص بعد 8 سنوات نجحت فيها بالخروج عن المألوف (واحيانا الانظمة) لتحقيق النفع العام ولم يكن ذلك يعجب التقليديين بل بعضهم تصيد ووشى
    المنصب الحكومي تصرف عليه ولا يصرف عليك . من فوقك يتحداك في مسائل التغيير وليس يعينك . من تحتك يشتتك ولا يتآزر معك . واخير لا معايير ولا اجراءات للتقييم فوزنك هو بمقدار ما تتكرم به عليك صاحبة الجلالة “الصحافة”

  6. A.AlFaisal :

    د. بدر أعجبني طرحك،
    إن قبلت أن تكون وزير.. ولم تنجح !
    أود أن أضيف أن من قبل التحدي و أراد الإصلاح و قبل بالمنصب بما فيه من تحديات ،صعوبات و بيقراطيه – قد تكون مدمرة لطموحين القادمين من أجل التغير- ، وبعد ما وضعوا رؤيتهم الإستراتجيه و خططهم و أهدافهم قصيرة و الطويلة الأمد و معايير قياس الأداء و الأهداف أن يكونوا بقدر قوتهم و جرأتهم في التخلي عن المنصب و توضيح المعوقات و الموانع التي أحالت دون تحققوا أهدافهم وشرح الأسباب كي يعرف الجمهورالأسباب الحقيقة للإخفاقات ومن هو المتسبب كي يٌعمل على تفاديها من قبل القيادة و كي يساعد على تمهيد الطريق لمن بعده ليقلل من أسباب الفشل.
    وما نشاهده الأن هو بعد ما يمضي الوزير عقد من الدهر بل عقود و كما في النظريات الشاطحة ” كوش على الشرهات و المنح ” ، يخرج بمقالِ أو كتابِ او مقابلة متلفزة ليصح ما أفسده الدهر !! فمن المفسد الآن !
    ومن وجه رأي المتواضعة “إن لم تستطع النجاح فلا تكن سبباً في فشل من بعدك” !

  7. منى الحربي :

    شكرًا دكتور بدر على طرح هذا الموضوع المتزامن مع التغييرات القادمة .. الممارسات القيادية التي ذكرت ربطت اغلبها مع ” متطلعات الجمهور” وهذا هو فعلا ما يسد الفجوة بين متطلبات الجمهور الفعلية وخطط الوزارة الاستراتيجية . واغلب هذا الممارسات ستدخل مع دخول بعض المدراء التنفيذين من القطاع الخاص والذي سيحدث ديناميكية جديدة ومتحدثة بإستمرار لأنهم لن يستسلموا للبيرقراطية والجمود التي اعتادتها بعض الوزارات في السابق ..

  8. فيصل الخريصي :

    أستاذ بدر جزاكم الله خير على ما تقدمونه

    الاسباب كثيرة ومنها
    1- تخليد الإسم من خلال الإنجاز
    2- تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية

    اما القياس فهناك قانون إداري مهم جدا إن لم يكن الأهم
    ” ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته “

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.