كيف تصرف الرئيس حينما وجد أن تقييم الأداء غير عادل؟ الجزء الثاني

في مقال سابق تطرقت لحالة عملية وموقف صعب واجه الرئيس التنفيذي الجديد في عمله.  وكان التحدي هو أن نتائج تقييم الأداء السنوي لم تكن عادلة في نظره، وكانت جميع الحلول للتعامل مع هذا الموقف صعبة، وهنا نستكمل القصة في سرد الخيار الذي طبقه الرئيس وماذا حدث بعدها.

كانت الخيارات باختصار هي:

  1. الخيار الأسهل هو أن يدع هذا التقييم يمر دون معالجة، ويركز الجهد على التحضير بشكل أفضل للتقييم القادم.
  2. وخيار آخر سهل أيضا هو أن تقوم الإدارة العليا بتغيير الدرجات بتوزيعها آليا.
  3. والخيار الأصعب هو إعادة عملية التقييم إلى المدراء، وبالتالي تأجيل صرف المكافآت.

ولقد كانت تعليقات القراء مشكورين وجيهة وصب مجملها في الخيار الثالث الذي هو الأصعب ولكنه الأكثر عدالة في الظاهر والأفضل على المدى الطويل نظرا للأثر التربوي.

ما اختاره الرئيس

أما في قصتنا فلقد اختار الرئيس التنفيذي بعد مشاورة فريقه أن يعيد عملية التقييم إلى المدراء بإعطائهم أسبوعا إضافيا يراجع فيه كل مدير في المنشأة تقييم كل موظفيه ويناقشهم فيه بعد أن يوضح لهم الخطأ الحاصل في عملية التقييم السابقة. وقام الرئيس أيضا بالكتابة للمدراء لتوضيح المطلوب وقام أيضا بجولة هو ونوابه للفروع المختلفة قابلوا فيها غالب موظفي المنشأة وشرحوا لهم أسباب إعادة التقييم.

خيبة الأمل

ولكن كانت خيبة أمله كبيرة عندما وجد أن النتائج الجديدة لم تختلف جوهريا عن سابقتها مما عنى له أن المدراء لم يستوعبوا أو لم يقتنعوا بأهداف العملية أو استكثروا الجهد في إعادة التقييم. وهنا أسقط في يده وانتقل للخيار الثاني الذي فيه قامت الإدارة العليا بمراجعة نتائج التقييم وتغييرها باستخدام معادلة توزيع حسب منحنى التوزيع الطبيعي (Normal Distribution)، وباستخدامها أصبح تقريبا نصف الموظفين أفضل من القيمة المتوسطة والنصف أقل منه. وخاطب كافة موظفي الشركة بذلك وشاركهم الرسم البياني الذي يوضح توزيع النتائج على مستوى المنشأة. ثم جدول زيارات تالية للفروع للحديث للموظفين. وللتعامل مع حالات التظلم المتوقعة في حالة مثل هذا وضع خط ساخن لاستقبال الملاحظات والشكاوى.

الخطة التصحيحية

فكما هو متوقع لم تكن العملية سلسة، فلقد وجد الرئيس أن بعض المدراء حاول إفشال عملية إعادة التقييم سرا، وساند بعضهم جهرا ولكن حاربوها سرا، والقلة هم الذين فهموا الهدف وساندوا إعادة التقييم.  لذلك قرر أن يضع برنامج تغيير مؤسسي يقوم من خلال الإعداد للتقييم القادم يشمل التدريب على أهداف التقييم وإعادة تصميم وثائق التقييم لتكون أسهل.

ومن هذه القصة تعلم صاحبنا دروسا عملية في صعوبة إدارة الموارد البشرية وتوجيه المنشآت الكبيرة، والحاجة إلى انضمام فريق العمل قلبا وقالبا لجهد التغيير.  ولكنه لم يتندم على اختياره الطريق الأصح وإن كان الأصعب.

هل هناك دروسا أخرى تستفاد من هذه القصة؟

نتطلع لنسمع منكم مشكورين…

الردود

  1. Pingback: موقف قيادي: تقييم الأداء غير عادل، فكيف تتصرف؟ الجزء الأول | النجاح رحلة Success is a journey

  2. Shalabi M :

    ربما كان التعبير الأكثر ملاءمة للحالة هو أن تقييم الأداء غير جاد أكثر من كونه غير عادل، لذلك انتهى الأمر إلى إعادة تصميم كلية للعملية وإعادة النظر في المفاهيم والآليات المتبعة.

  3. Walid Hussain :

    من هذا الموقف نتعلم التالى:
    1- من الضرورى أن تكون مدة التدوير الوظيفى للموظفين و خاصة المراكز العليا من 5 الى 8 سنوات حتى نمنع تكوين روتين سلبى يصعب تغييره بعد تأصله فى الموظفين لمدة تزيد عن 8 سنوات
    2- التفكير فى خطة بديلة لمقاومة التغيير كان عملاً رائعاً ينم عن احترافية إدارية حيث أن معظم التغييرات تفشل لعدم الاخذ فى الاعتبار مقاومة التغيير من قبل الموظفين القدامى
    3- التدريب المستمر و خاصة للإدارات المتوسطة و العليا هو شىء حتمى لتغيير القناعات و تنمية المهارات و إدارة الازمات و مواكبة التطورات
    4- الحزم و الحسم فى تغيير الخطأ بالرغم من الصعوبات أفضل بكثير من الخنوع له لأن ذلك يزيد قدرتنا على التعامل مع أزمات التغيير و تحويلها من محنة إلى منحة تزيد فيه الخبرات الادارية و القيادية
    5- أن البعض قد يتخذ التقييم كوسيلة للمحباة و ليس كما هو مفترض منه ألا و هو تطوير قدرات الافراد و تجهيزهم إلى مهام أعلى و تدريبهم على مهارات جديدة تزيد من كفاءتهم و انتاجيتهم

  4. Naser :

    من وجهة نظري ان تقييم الأداء للموظفين مضيعة للوقت والجهد والمال لأنها في النهاية تصب في المحسوبية والعلاقات بين الأفراد.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.