بقدر استعدادك للفشل تصل للنجاح

إذا أردت أن تقفز للنجاح بقفرة كمية يجب أن تكون مستعدا للسقوط . فالقفزات الكمية الكبرى (Quantum Leap) التي تتخطى بها عدة درجات من سلم النجاح مرة واحدة تأتي من تخطي خنادق الفشل. وفكلما كبرت المخاطرة كبر ثمن النجاح وألم الفشل. فمع المخاطرات الكبيرة وتكرار القفزات فإن المرء لابد إن يواجه الفشل وجها لوجه. 

أسوأ شعور قد يمر بك

في لحظات مواجهة الفشل قد يمر عليك أسوأ شعور تحسه في حياتك. إذ تسود الدنيا في عينيك، وتتجسد أمامك كل حلقات الفشل السابقة. وقد تصم نفسك أنك فاشل، وتسيء تفسير كل موقف يمر بك بعده وتتخيل أنه سيقود هو الآخر للأسوأ. بل وستتوقع أن هذه ستكون نهاية مسيرتك المهنية.  وقد يمر في مخيلتك كيف ستحكي لأبنائك يوما ما قصة هذه النهاية. وكيف ستجملها لهم وتبررها بظروف قاهرة خارجة عن إرادتك. وكيف تكالب الحظ مع من حولك لرسم نهايتك (تخيلها مع عزف ناي حزين). قد تختار أن تنساق لذلك وتتخذ وضعية الجنين لتموت مسيرتك المهنية بهدوء فإن إكرام الميت دفنه (وبسرعة).

كيف تستثمر الفشل لصالحك

قد تختار أن تدرك أن هذه مجرد حلقة في مسلسل طويل. وعثرة في طريق السباق، عندها تتوقف وتتفكر وتحلل الوضع وتخطط لتقليل الخسائر، وتسلق الخندق للخروج منه. ثم (وقبل الانطلاق بعيدا) أن تقف على حافة الخندق وتَجرد ما تعلمته من هذه الحلقة. فتعرف ماكان بسبب خطأك أنت وما هو خارج عن السيطرة. ولكنك لم تستعد له، بل وقد تجد طريقا مختصرًا إلى القمة لا يرى إلا من حيث أنت الآن. فإن تجاوز الفشل دون التعلم منه كمن يدفع مبالغ باهظة لحضور دورة تدريبة ويفرغ نفسه لحضورها ثم ينام فيها.

للأسف يخرج البعض من التجارب الفاشلة، باختراع دروس عامة في تجريم وتحريم وتخطيء ما فشل فيه. والأسوأ من ذلك أن يصبغ من حوله بالخيانة والخور والأنانية ويحذر نفسه والآخرين منهم.

أحيانا قد يكون الفشل السريع هدفا لذاته، ففي ريادة الأعمال ولتحديد المنتج المفضل لدى الشريحة المستهدفة، أفضل الممارسات  تقترح استخدام أسلوب ممنهج من التجربة والخطأ والتعلم منها، والذي يفترض فيه أن يكون الفشل سريعا في تحديد خواص المنتج والتعلم منه أسرع للانطلاق لتركيبة أخرى من الخواص للمنتج تكون أنجح. ولا تنس أن الأخطاء الكبيرة قد تكون فرص كبيرة متنكرة. فاختراع الأوراق اللاصقة المكتبية والتي لاقت نجاحا تجاريا ساحقا كانت هي نتيجة فشل تجربة مكلفة في تركيب غراء جديد.

ما تعلمته من فشلي

في مسيرتي المهنية واجهت الفشل عدة مرات في الإخفاق في مقابلة وظيفية مهمة، وفي مواجهة مع رئيسي، وفي إغلاق مشروعين رياديين لم يكتب لهما النجاح، وغيرها. تعلمت من فشلي أن أقرأ الناس بشكل أوضح. وأن أتوقع منهم أفضل ما لديهم ولكن لا أستغرب، بل وأستعد لطعنة في الظهر من بعضهم. تعلمت ألا أفترض استلام دعم الآخرين دون طلب أو استشارة. و أن الطريق المسدودة تظهر بوادرها قبل نهاية الطريق وقد يكون من الحكمة الاستدارة قبل بلوغ النهاية. تعلمت أن الإلحاح في الطلب ليس دوما إزعاجا بل يكون في صالح من تطلب منه السماع وقد يشكرك عليه. والأهم أنني تعلمت أن الفشل ليس حتما نهاية الطريق بل قد يكون بداية لطريق أفضل.

أخيرًا، لعلنا نتكيف أكثر مع احتماليات الفشل حينما نغير نظرتنا له. فبدلا أن يكون سقطة أو تعثرا ننظر إليه كفرصة، فرصة للتعلم و النهوض و النجاح. بل وضرورة عندما نطمح في النجاح السريع. لأن النجاح يأتي من التعايش مع احتمال السقوط واجتنابه إن استطعت.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.