اتسمت مشاريع شركة استثمارية كبيرة بالنجاح عموما ولكنه نجاح موسوم ببطء شديد في التنفيذ مما ضيع عليها فرصا كثيرة وضيع دخل سنوات بسبب التأخير الشديد في مشاريعها. ومع استلام قيادة جديدة للشركة استثمرت في دراسة معمقة للوضع، وبناء عليه وضعت خطة لإحلال اسلوب العمل القديم بأخر جديد يسرع اتخاذ القرار ويعجل في تنفيذ المشاريع. ولكن بعد سنة من التطبيق استمرت المشاريع في التأخر وضاعت فرص متعددة، مما أصاب القائد بالإحباط.
إن أصعب مهام المدير (وخصوصا المدير الجديد)، هي -حتما- إدارة التغيير. المقولة الشهيرة تختصر أهمية “التغيير” في أنه هو “الشيء الوحيد الثابت”. فبدون تغيير لن تتجدد المنظمات ولن تتكيف مع مستجدات العصر ولن تتغلب على المنافسين.
صعوبة التغيير
فصعوبة التغيير تأتي من وجهات متعددة ومتراكبة فهناك الخوف من مستقبل مجهول والأمان المستمد من الطريق المعتادة، وهناك قوة العادة والتي تحمل على التصرف بدون تفكير، وهناك قانون الاستمرارية وهو قانون فيزيائي ينص على أن الأجسام التي تتحرك في مسار معين بسرعة معينة تستمر بنفس الاتجاة والسرعة إلا إذا أثر عليها مؤثر مما يعني أن التغيير بحاجة إلى جهد، وهناك أيضا التعلق العاطفي بالماضي حيث أن التغيير يتطلب استبدال الطريق القديمة بأخرى جديدة، وأخيرا وليس آخرا عندما يتعلق التغيير بفريق عمل فإن التغيير يطال تعامل أعضائه مع بعضهم البعض مما يعني أن بطء استجابة بعض أفراد الفريق للتغيير يؤثر على الفريق ككل. ( ولدي سلسلة تدوينات عن فريق العمل الناجح )
وللتدليل على قوة العادة بغض النظر عن وجاهتها هناك قصة القرود الخمسة والسلم والتي تبين أن البعض يتعلق بالمعتاد والمتناقل دون معرفة السبب. فالعادة تتكون عبر تجارب متكررة تؤصل في النفس وفي الفريق طريقة معينة للقيام بالأمر وعندما يأتي من يقترح تغييرها يأتيه الجواب سريعا مباشرا “أننا قد جربنا ذلك قبل زمن وفشل أو سبب مشكلة” أو “لقد جرى الأمر على هذه الطريقة منذ زمن”.
كيف ينجح التغيير؟
وكثيرا ما يحبط القائد عندما يشرع في مبادرة للتغيير فيجد أثر جهوده عكسية من ردة فعل سلبية لدى الفريق وابتعادهم عنه وتضايقهم منه وإصرار البعض على الثبات على الماضي. فكيف أتعامل كقائد مع هذه المصاعب وأنجح في إدارة التغيير؟ أذكر لكم من خبرتي وأيضا بناء على دراسات إدارية ممارسات عدة لنجاح الفريق في التغيير:
حدد هدف واضح ومفهوم
فهم الفريق للهدف واقتناعهم به هو من أهم محفزات بذلهم الجهد للوصول إليه. فالقبطان في البحر يختار نقطة على اليابسة يوجه ملاحيه قاربهم إليها. ولاشك أن مشاركة الفريق في وضع الهدف يساعد في تحفيز الفريق بتبنيهم له.
لتكن لديك نظرة ثاقبة
من أهم مؤهلات المدراء القدرة على حل المشاكل، ولكن المهارة الأصعب هي مهارة استقراء المستقبل واستنتاج المخاطر قبل وقوعها. في الكثير من الفرق ينال الثناء أعضاءه الذين ينقذون الفريق من المصائب ويخرجونه من الحفر، ولكن قلما ينال الثناء هؤلاء الذين يكتشفون مواطن الخلل التي تسبب تلك المصائب قبل حدوثها. فكثيرا ما يكون موطن الخلل هو إجراء العمل المعتاد الذي هو أيضا بحاجة لتغيير، فالنظر الثاقب لاستكشاف الخلل مهارة مهمة.
تحد المألوف
جهد التغيير كثيرا ما يتصادم مع أساليب العمل المتبعة وأجراءات العمل الموثقة وحتى اللوائح المعتمدة. فالقائد الناجح في التغيير لا يتجنب المواجهة الحتمية مع السائد والمألوف في سبيل تحقيق الهدف الذي يتطلب تغيير أسلوب العمل.
كن شجاعا في المواجهة
يواجه القائد أثناء إدارة التغيير مواقف متعددة تتطلب منه شجاعة متجددة، فمن حوار غير مريح مع أحد أعضاء الفريق حول أدائه، إلى الحاجة إلى استبدال زميل لم يستطع مواكبة التغيير، إلى تغيير إجراء معروف موثوق إلى آخر جديد غير مجرب، إلى مواجهة الفريق بأخبار سيئة، إلى مخاطر استثمار مالي كبير، انتهاء بتغيير الوجهة إلى ما هو مجهول، بل يحتاج القائد إلى مخزن كبير من الشجاعة حيث أن الإحساس بالوحدة سائد. وهناك حقيقة مرة هي أن الطيبة الزائدة أثرها سلبي في قيادة التغيير.
اجعل التغيير أولية
لدى أعضاء كل فريق عمل مهام كثيرة ذات أوليات متضاربة تتنافس على اهتمامهم، ومن أكثرها إلحاحا الكوارث والمشاكل التي تتطلب حلا عاجلا موثوقا مما يرجعهم خطوات إلى الوراء في العودة إلى أساليب العمل القديمة. لذلك ينجح القائد الذي يبقي الضوء مسلطا على مبادرة التغيير ويذكر بأولوليتها مقابل جميع الأعمال الأخرى. ويساعد في ذلك توجيه تقييم الأداء للمحاسبة على الوصول للهدف واللتزام بمبادرة التغيير.
عند تطبيقها السليم تساعد هذه الممارسات الخمس القائد في توجيه التغيير وحفز الفريق للمثابرة عليه ليصل معهم للهدف المنشود.
يهمنى أن أسمع قصصكم في قيادة التغيير والنجاح والفشل فيه وذلك من خلال التعليق على المقال
نود أن تكتب لنا عن قصتك من الشركة السعودية للفنادق والمناطق السياحية إلى دور للضيافة. وتوقع بعدها… على أوتوجراف!
هذه قصة لا تزال تكتب، ومن وحيها أكتب بعض التدوينات.. ولعلي أفرغ لكتابة القصة حينما نحقق ما نرجوه بإذن الله.
Pingback: أربع طرق أساسية يضمن بها القائد نجاح الفريق | النجاح رحلة Success is a journey
الرغبة في التغيير تنبع من داخلنا ولن يستطيع أمهر المعالجين أن يغير شيئا من سلوكنا وعاداتنا أو افكارنا مالم نقوم نحن في ذلك
والقائد الناجح يلهم من معه ليرغبوا بالتغيير. شكرًا عبد العزيز
أوافقك الرأي الى حد ما يا دكتور حيث ان الإلهام لوحده لا يكفي بل ارى والرأي لكم بان على القائد ايضا القدره على إدارة الخلافات التي يمكن ان تحدث بين اعضاء فريق العمل نتيجه مقاومة التغيير وغيرها من الصفات القياديه…..
ولكن هل ترى بان يكون التغيير نابع من داخل الأشخاص وانه امر ضروري لنجاح عملية التغيير على مستوى المنظمه؟؟
(ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
واعتذر على الاطاله
آخي عبد العزيز
أليس من الصعب انتظار أن تنبع الرغبة في التغيير تلقائيا في نفوس أعضاء الفريق
كلهم؟
ولكن دور القائد هو إلهام وإقناع أفراد الفريق بالتغيير وإشراكهم في خلق
تفاصيله بحيث يتبنونه، وهو أيضا يعالج الخلافات ويوفق بين أدوارهم.
2015-08-27 23:46 GMT+03:00 النجاح رحلة Success is a journey :
>
نعم أتفق معك بأن من أدوار القائد تهيئة الأعضاء وإقناعهم بتقبل الجانب الإيجابي من التغيير، من خلال توضيح الفوائد والمنافع التي ستعود عليهم من ذلك التغيير. ولا نتوقع أن هذه التهيئة تحدث في يوم وليلة نظراً لطبيعة البشر وترددهم وخوفهم ومقاومتهم من التغيير..
حيث أن القائد هو أول من عليه المبادرة بالتغيير ويلعب الدور الكبير في التأثير على باقي فريق العمل.
ولكن بيت القصيد عندي هو أن “عملية التغيير لن تتم بالشكل المطلوب مالم يؤمن بها كل عضو من أعضاء الفريق” والمنتظر هنا من قائد الفريق هو تحفيز وتوجيه الأعضاء ومساعدتهم (وإتباع فن ومهارات القيادة) في عملية التغيير وإستخدام كل الوسائل والأدوات لتحقيق الهدف المرجو من التغيير.
دمتم بود
ارى ان الجانب المهم في مرحلة التغيير هو تهئية الفريق في البداية وتحدد مهما كل شخص مهنم واشعارهم باهمية التكتف وتحمل الضغط لانجاح هدف التغيير للافضل و والنجاح للجيمع بالمنشاة . دائما الظروف المفاجئة ليس كل شخص يستطيع التكيف معها .