مع كل ضغوطات الوقت على جدول القائد فإنه من غير المستغرب أن يهمل صحته. فهناك الكثير من المدراء والمسؤولين الذين يفاخرون بعلامة الوجاهة – الكرش المنتفخةـ ويعتذرون بزهو بضيق الوقت عن العناية بصحتهم.
في أصعب مرحلة من مسيرتي الوظيفية كنت أجاهد لمواكبة سرعة الشركة الجديدة التي انضممت لها، ومع العمل مع الفريق والعملاء بالنهار والمكالمات والاجتماعات عن بعد بالليل وفي نهاية الأسبوع بدأت أفقد صلتي بالرياضة المنتظمة، ثم بدأ يتراكم على الضغط والتوتر النفسي وبدأ يأخذ تشكلا جسديا في فقد الوزن وقلة النوم والآلام المتنقلة، في تلك المرحلة جربت منتجعا صحيا وتمارين للتنفس، ولكن ما أحدث معي الفرق فعلا هو العودة بقوة للبرنامج الرياضي.
وأصبحت لدي عادة، إذ كلما ازدادت علي مشاكل العمل والضغوط وخصوصا تلك النفسية كلما ألتزمت أكثر ببرنامجي الرياضي، ففي مرحلة من مسيرتي كنت أمارس الرياضة في الصباح الباكر قبل العمل وكانت في تلك الأيام فرصة لي للتفكير بصفاء في مشاكل العمل قبل بداية دوام العمل. وفي مرحلة أخرى كان وقت الرياضة بعد العمل مباشرة وكان فرصة لي لتصفية ذهني وتخفيف توتري والتخلص من الشحن السلبي قبل ذهابي للمنزل. وفي فترات أخرى كنت أمارس الرياضة قبل النوم. وبسبب ذلك أصبحت علاقتي بالرياضة أشبه ما يكون بالإدمان ولا أتركها بل قد أخفف منها في المرض والسفر.
بدأت علاقتي بالرياضة مبكرا منذ الطفولة بركوب الخيل، ثم تمارين الأثقال والسكواش، واختلفت أنواع الرياضة التي أمارسها خلال السنوات ولكن بقيت العلاقة منتظمة أغلب الأوقات. وكان الإلتزام بجدول رياضي أصعب في بداية حياتي حينما كان جدول عملي أكثر فراغا، والآن ومع انشغالي فإن الإلتزام بالرياضة لا يتطلب منى أي جهد أو استجداء للإرادة لأنها أصبحت مع الوقت جزءا من حياتي.
ولمن يعتذر بمشاغل العمل لترك الرياضة فالمفارقة أنه أثبت علميا أن هناك علاقة طردية بين الاهتمام بالرياضة وفعالية ونجاح القائد. ففي دراسة علمية استخدمت بيانات جمعت عبر عشر سنوات أجراها مركز القيادة الإبداعية قارنت أداء قادة التزموا ببرنامج رياضي منتظم بآخرين أهملوها أو مارسوها دون انتظام. وكانت المقارنة بمراجعة تقييم أداء القادة وشهادات زملائهم ورؤسائهم ومرؤوسيهم. ووجدت الدراسة أن القادة الملتزمين بالرياضة ليسوا فقط أكثر فعالية بل تميزوا أيضا في جوانب الإلهام، والمصداقية، وبذل الجهد، والقيادة، والهدوء.
وللمساعدة على الالتزام بالرياضة فمن خبرتي ومن الدراسة المذكورة أذكر لكم بعض النصائح المفيدة:
- زيادة النشاط اليومي وإن لم يكن يصنف كرياضة مثل: المشى خلال المكالمات، أو إيقاف السيارة بعيدا عن المدخل، أو استخدام الدرج بدلا من المصعد، فكل نشاط له قيمة.
- جدولة وقت بسيط الرياضة قد لا يتجاوز نصف ساعة في البداية ولكن الالتزام به.
- قياس مدى النشاط اليومي وملاحظة الزيادة أو النقص فيه لرأبه، وبالتالي إبقاء التحفيز قائما.
- تنويع النشاط الرياضي لكسر الملل واختيار برنامج رياضي مناسب للمستوى الحالي بحيث لا يسبب خوفا أو مللا أو أصابات.
- التركيز على النشاط الرياضي والحركة وليس التنحيف والسمنة، فلم تجد تلك الدراسة علاقة بين وزن القائد وفعاليته (وإن لم تنف الآثار الصحية طويلة الأمد للسمنة) فالأولية تكون لجعل الرياضة عادة ومن ثم تأتي الآثار الإيجابية للرياضة مثل التنحيف وتكبير العضلات.
- اختيار مكان ممارسة الرياضة قريبا من العمل أو المنزل أو في أحدهما لدرء الأعذار عن بعد المكان، وقد يفيد البداية الاستفادة من مدرب شخصي يضع لك برنامجا رياضيا ويعلمك التمارين.
وفي النهاية أؤكد على أهمية الصبر والمثابرة، ففي البداية قد تكون الرياضة واجب ثقيل، ولكن مع الالتزام ستصبح لك كما هي لي وسيلة لتفريغ التوتر، وفرصة للتفكير في أفكار جديدة، وتكون مصدرا لشعور لذيد نابع من لياقتك ومرونتك.
ممارسة الرياضة لا تتعلق بايجاد الوقت لممارستها بل بالارادة فرغم أني عاطل عن العمل لا أمارس أي نوع من الرياضة تقريبا.
من اجمل ما قرأت. شكرا علي هذا التعبير الجميل ، فعلا الرياضه علمتني ان يكون عندي تفكيرًا سليما ، قيادة واعية ، وانظباط بكل الأمور في الحياه.
شكرا لك ايها القائد الجميل .
محمد
شكرا أخي محمد. فعلا الرياضة تعلم. الانضباط.
جميل ابو عبدالعزيز
اتوقع لو كنت انا عاطلا عن العمل لن يكون هناك طعم للرياضة كما لوكنت مشغول.
احيانا عدم وجود انشغال بالحياة يؤدي الى افكار سلبية تؤثر على الصحة كالسهر والصحبة السيئة او غيرها.
لذلك نملأ وقت فراغنا بالرياضة ونسافر ونصرف الغالي والثمين للرياضة . هنا المتعة الحقيقة والاستثمار بالصحة والوقت .
تحياتي ابو عبدالعزيز .
اخوك ابو يوسف
شكرا لمرورك أبا يوسف واتفق تماما مع طرحك.
مقال رااااااائع يا ابو عبدالعزيز