سمعنا مؤخرا عن دراسات تدعي أن إنتاجية الموظفين منخفضة ولا تبلغ ساعة في الْيَوْم. كانت تلك إحصائية صادمة للكثيرين خصوصا الذين يفترض أنهم مشمولين بالدراسة. والذين حتما يتواجدون في أماكن أعمالهم لمدد تتجاوز الساعة. فما هي الإنتاجية؟ وهل الإنتاجية تساوي التواجد في مكان العمل؟
مثلا هناك محمد الذي يوصل أطفاله إلى المدارس ثم يتوجه إلى عمله، ويوقع في دفتر الحضور قبل موعد الدوام، ويستقبل المراجعين بوجه باسم ويحاول استيعابهم وإنجاز إمورهم ما استطاع. وهناك علي الذي أيضا يبصم في جهاز الحضور في خلال الأوقات المحددة. ولكنه يبرع في تعقيد المعاملات وتعطيل أمور المراجعين. أما صالح المدير لا يتوجب عليه إثبات حضوره فهو لا يحضر إلا متاخراً. ثم ينصرف للصلاة قبل الأذان وقد لا يعود بعدها. وإذا حالف الحظ احد المراجعين بلقائه، فإنه يخترع أسبابا لتعطيل معاملته. فالتواجد في مكان العمل لا يساوي الإنتاجية وإن كان إلى حد ما يسهم فيها.
هل الإنتاجية تقاس بالساعة؟
من الخطأ قياس الإنتاجية بالساعات. ذلك لأن ساعات العمل والجهد المبذول فيها هي ما يقدمه العامل أو الموظف لمكان عمله أي أنها مدخلات. و ما يجب قياسه هو المخرجات وهي ما ينتجه الموظف في كل ساعة عمل. والانتاجية باختصار هي معدل المخرجات لكل وحدة من المدخلات.
وعلى مستوى المنشأة الواحدة تحسب المخرجات بحسب نشاط المنشأة. وهناك منشآت من السهل حساب إنتاجيتها فمثلا إدارة الجوازات من الممكن حساب مخرجاتها بعدد الجوازات المصدرة في الْيَوْمَ أو الساعة. وهكذا بالنسبة للمستوصف بعدد المرضى المعالجين في الْيَوْمَ، وكتابة العدل بعدد الوكالات أو الوثائق المصدرة. مقارنة بجهات الدراسات والتي يصعب حساب مخرجاتها إلى حد ما. وهناك جهات حكومية كثيرة ارتفعت إنتاجيتها أضعافا بمجرد أتمتة الأعمال الداخلية. وإتاحتها للإنجاز عن بعد مثل معاملات وزارة الداخلية والاستقدام. وهناك أخرى تطورت بإعادة هندسة إجراءاتها مثل إصدار جوازات السعوديين. ومعالجة الجوازات عند المنافذ الحدودية، وكتابات العدل. وهناك جهات حكومية تراوح مكانها بعدم تطور أدائها منذ زمن بعيد.
الإنتاجية مؤشر حيوي
الإنتاجية العامة للعمل في الاقتصاد إحصائية مهمة لدرجة أنها من المؤشرات الحيوية لاقتصاد بلد ما. وتحسب إنتاجية الدولة بقسمة الناتج المحلي القومي على مجموع ساعات عمل الاقتصاد في تلك الفترة. وعلى مستوى الشركات تقاس الإنتاجية بقسمة مخرجات الشركة مثل المبيعات أو الأرباح لكل موظف أو لكل ساعة أو يوم عمل. وهناك الإنتاجية الفردية التي تحسب بما ينتجه الشخص الواحد من مخرجات في وحدة العمل مثل الساعة أو الْيَوْمَ.
تظهر أهمية استخدامات مؤشر الإنتاجية في قياس التطور أو التراجع عبر فترات زمنية مختلفة وأيضا للمقارنة بالآخرين. فالقطاع الخاص يحسبها لكل فرد ومعدل تطورها بعد تطبيق التغييرات الإدارية مثلا، ومن أهداف المدير زيادة إنتاجية إدارته.
فلماذا إذن توصف إنتاجية موظفي الحكومة أنها متدنية؟ وهل من العدل لوم الموظف الحكومي على قلة إنتاجيته أم يجب مراجعة نظام العمل الحكومي ككل. فبخلاف الدراسات المحبطة التي تصدر من آن لآخر فليس هناك من يتابع إنتاجيتهم، وأما تقييم أداءهم وترقيتهم فهي تبنى على المدخلات وهي ساعات العمل وليس المخرجات، والأهم من ذلك كله أنه ليس هناك من يحاسب الجهة الحكومية على إنتاجيتها.
كيف تضاعف انتاجيتك؟
حسب إحدى الدراسات البريطانية فإن أكثر ما يهدر إنتاجية الموظف هو تشتت الانتباه الناتج من المحادثات الجانبية و الانشغال بالجوال والشبكات الاجتماعية، مما يضيع حوالي ثلاث ساعات عمل يوميا لثلث الموظفين. زيادة الإنتاجية تفترض وجود مخرجات معينة تهتم أنت بزيادة معدلها. والبداية هي أن تحسب إنتاجيتك الأساس المعتمدة على طريقة عملك الحالية. ثم طور طريقة عملك بالنظر في كيفية زيادة هذه المخرجات المهمة، أو تقليص الوقت اللازم لإنتاج كل وحدة. ومن طرق زيادتها الأتمتة، والتركيز على مهمة واحدة في وقت واحد وإبعاد عوامل التشتيت مثل الهاتف الجوال والحديث مع الزملاء، وإعادة هندسة الإجراءات لاختصارها.
أخيرًا، إن مراقبة الإنتاجية وقياسها بشكل صحيح يساعد الموظف على فهم احتياجاته وتطوير مهاراته والاستثمار فيها. كما يساعد المنشأة على تحقيق أهدافها بشكل أسرع. واعطاءها لمحة ضرورية عن القيمة التي تقدمها للسوق، و فهم كيفية عملها وتحسين جوانب الخلل التي تعاني منها.
تشرفتُ بمقابلتك أستاذُ بدر اليوم،
تعليقاً على الموضوعُ : هناك أستراتجية مستخدمة حالياً و أحرص شخصياً على أستخدامها و هي ساعة مقابل عشرُ دقائق
ساعة أنتاجية على أهداف موضوعه مقابلُ عشر دقائق راحة .
وهكذاً ولله الحمد احياناً أصلُ الى ١٠ ساعات أنتاجية و هي تقريباً ٤ ايام كلُ شهرُ بالمعدلُ ولكن ، لكي أحققُ هذا الهدف لابدُ من التضحية با أشياء كثيرة كـ استخدام الجوال ، و المحادثات الجانبية ..الخُ
هل ترى أن أفضل حلُ هي وضعُ مخرجات معينة – اهداف – قابلة للقياسُ و تقسيم الساعات عليهاً ؟ و بذلك يمكن قياسُ الانتاجية ؟
الشرف لي أخي سلمان. أسلوبك فعال وهو مشابه لتكتيك بومودورو. حتى أنا أَجِد فيه فعالية لكن التحدي هو أن تطبقه بصدق.