يبدأ نهارك بخلاف مع شريك حياتك حول سوء تصرف من ابنك، تهم بمغادرة المنزل متأخرا إثر النقاش فلا يغلق الباب بإحكام بسبب مشكلة لم يصلحها النجار الذي انتظرته طويلا ثم اختلفت معه حول المبلغ الباهظ الذي طلبه، وأنت تصارع الباب تأتيك رسالة نصية من البنك تذكرك أن حسابك الرئيسي تم تجميده وأنك بحاجة لمراجعة الفرع، في نفس اليوم المتوقع فيه منك سداد فواتيرك، تصل مكان عملك فتجد مجموعة من الأخبار تنتظرك: الغاء عقد من عميل مهم وتفتيش من جهة حكومية ورسالة استياء من رئيسك ثم استقالة موظف مهم.
عندها تسود الدنيا في وجهك، ولا تسمع إلا حديث النَفْس يكرر على مسامعك أنه لا مخرج هذه المرة، وتحس بالعرق باردًا ينزل على جبينك، ويرتفع صدرك وينخفض بقوة مع دقات قلبك، ويزداد تسارع تنفسك، وتمر أحداث اليوم في مخيلتك سريعا كأنها في شريط فيديو مسرع ولكن تكملها بنهايات درامية تنسجها من خيالك.
من منا لا تمر عليه مثل هذه أيام، لا تلام فيها أن أحسست أن العالم كله ضدك، تتزامن فيها أمورا سيئة بالجملة، وتتسارع أسئلة متلاحقة في ذهنك:
- هي فعلا مصادفة أم نتيجة لسوء تصرفك؟
- هل فعلا كل شيء ضدك فعلا أم أنك تتوهم؟
- وهل تلوم نفسك أم تلوم الظروف؟
- ثم كيف تعالج الظروف المتكالبة؟
فالخبر الجيد أن هناك ما يمكنك عمله لتتجاوز هذا الوضع…
احمد الله على نعمه
اعلم أولا أن ليس كل شيء ضدك كما تتوهم فهناك نعم كثيرة ترفل بها دون احساس، تأخذها من المسلمات، لازلت تعايشها مثل المال والصحة والأسرة والهواء الذي تتنفسه والروح التي لا تزال تسري في جسدك. وليس كل شيء أيضا هو بالضرورة خطؤك، فتصادف أمور لا يعني أنك غاية في السوء، ولكن المفارقة هي أننا كثيرا ما نضخم الأحداث في مخيلتنا، فأسوأ توقعاتنا نادرا ما تحدث فعلا، فالدماغ بارع في تخويفنا من الأوهام. ولكن هذا لا يعني أن نتمادى في تصرفات سيئة والتي لها نتائج حتمية، فأخطاؤنا المتراكمة من الممكن أن تظهر نتيجتها في أسوأ وقت.
كل شيء سيمضي
مهما كان الأمر اعلم أنه لن يدوم وسيمضي، وما سيحدث غالبا هو أنك ستتعلم منه وستكون أكثر حكمة. ويجب أن تدرك أنه بعد سنوات فإنه لن يكون هذا الحدث المزعج ذَا قيمة.
تقبل ما تتحكم به
لنعش بسلام مع أنفسنا (خصوصا في الأوقات الصعبة) يجب علينا تقبل ما لا نستطيع التحكم به مثل تصرفات الآخرين وحالة الجو ووضع الاقتصاد، وهذا معنى آخر للصبر. وعلينا أن ندرك أنه هناك ما نستطيع التحكم به وهو طريقة تفكيرنا وهذا هو لُب التفكير الإيجابي، وَمِمَّا يساعد في تصفية الذهن هو ممارسة نشاط مريح مثل الصلاة والدعاء والرياضة والمشي والتنفس العميق.
الجأ إلى شبكة الدعم
“الناس لبعضهم” يقول المثل العامي. لذلك لا تتحرج من أن تمد يدك لتطلب المساعدة ممن تثق برأيه وحكمته، وَمِمَّا يسهل عليهم ذلك هو أن تحدد نوع المساعدة التي تحتاج، سواء في رأي أو توسط أو مجرد دعم نفسي. لذلك استباقا لمواجهة أي حدث عليك بِنَاء شبكة دعم من الأقارب والأصدقاء والزملاء، تبنيها من خلال تقديم المعروف لمن يحتاجه ليأتيَك الدعم وقتما تحتاجه أنت وكأنك تودع معروفا في حساب بنكي بينك وبين كل منهم تسحب منه حينما تحتاج.
حبة حبة
أسوأ ما قد تفعله عند مواجهة مشكلات متكالبة هو مواجهتها كلها في نفس الوقت، ومن أفضل ما تعمله هو أن تجزأها وتتعامل معها واحدة واحدة. رتّب الأمور حسب الأولوية وحسب الخطورة، ثم ابدأ بالأهم ثم الأقل أهمية.
لا تنس نفسك
وأخيرا وفي خضم المشكلات التي تسبح في بحرها لا تنس أن تعتني بنفسك، فهذا هو الشيء الوحيد الذي لن يعتني به إلا أنت وإن أهملته كان الضرر عليك مضاعفا، فعليك بالنوم الكافي والتغذية والرياضة، ولا تجعل الضغط الواقع عليك عذرا للجوء لممارسات سيئة أو تعاطي عقاقير مضرة.
ماهي نصائحك أنت أيها القارئ عندما تحس أن كل شيء ضدك؟
بارك الله فيك يادكتور طرح مهم و جميل و عملي يجمع بين الخبرة العمليّة و الحياتيّة و المزج الجميل بين أطروحات تطوير الّذات الحديثة و يربطها بالقيم الإسلاميّة الأصيلة
مقال جميل د.بدر .. الدعاء الكثير واللجوء الى الله له دور مهم في حفظ كيانك من الانهيار تحت الضغوطات و مواجهة التحديات
قراءة الكُتب المعززة للقوة النفسية وكذلك مقاطع يوتيوب التي تتناول اي مشكلة تواجهه وسماع خبرة مواجهتها من الآخرين
تمارين التنفس العميق
هذه بعض الاشياء التي أمارسها في وقت العواصف
شكرا لك على إضافتك. تمارين التنفس اجدها انا مفيدة.
قد حصلت لي
كنت اكثر من قول لاحول ولا قوة إلا بالله
رتبت الامور حسب الاولويات و مع مزيد من الجهد و حسن الظن بالله انفرجت
الحمدلله على ذلك
الاحداث التي تحدث لا تؤثر فينا بمقدار الطريقة التي نفسر بها هذه الاحداث . و الطريقة التي نفسر بها هذه الاحداث نابعه او نتيجة مستوى الحياه الذي نعيشه قبل حدوثها أي اذا كانت حياتنا متوازنة متقبله لكل جديد سوآءا كان مما نحبه او نكرهه وقتها فقط سنتقبل هذه الأيام بصوره الإيجابية ولن نواجه مشكله معها . قال تعالى “ان الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما في انفسهم”
تحليل حكيم احي مجدي. اتفق معك تماما.
مقال جميل 😔
شكرا لك
راااااائع .. لكن لا اجد ماهو اصعب من اللجوء الى الناس او كما ذكرت (شبكة الدعم)!
اتمنى لو تكتب لنا اكثر عن الماهية والكيفية !