مصائب أو نكسات أو عقبات أو نكبات أو مصاعب . مهما نسميها لن يفلت منها أي منا. ونعرف حتما أنها تختبئ لنا لتخرج في أحلك الظروف وأننا يوما ما سنواجهها في أسوأ وقت نحتاجها. كلنا يكره مواجهتها. نتمنى أن ننجح ونرتقي دون رؤيتها، ولكن الحقيقة أنها إن لم تكسرنا فهي ما يرفعنا بسرعة للنجاح. فكيف نواجه المواقف الصعبة دون أن تكسرنا؟
فكر بواقعية ولا تستجب بتلقائية
لنبدأ بوضع الأمور في سياقها الواقعي من خلال تحجيمها بالحجم الصحيح. فقد تكون أكبر مشكلة هي تكبير المشكلة أكثر من حجمها! فهناك النكسة والتي عادة ما تكون تراجعا بسيطا ومشكلة مزعجة ولكن يمكن حلها. مثل إغضاب رئيسك في العمل بالقيام بخطأ، أو تأخير تقرير في الوقت المطلوب، وهناك النكبة وهي أكبر وقعا وأشد تأثيرا وأمدها يمتد أطول وعلاجها أصعب. مثل الفصل من العمل أو إفلاس شركتك الناشئة. وهناك المصائب مثل فقدان أحد أفراد العائلة، أو المرض العضال والتي تستوجب الصبر والاحتساب.
استجابتنا التلقائية والمعتادة لمثل هذه المواقف ليست دائما مفيدة. فهي غالبا ما تبدأ بتحميل المسؤولية على الغير مثل: أن رئيسي في العمل لا يفهم، وثم بالتبرير بأن الظروف كانت معاكسة، أو أن الخصم لم يكن نزيها. ثم الغضب والخوف من العواقب مثل: الفصل من العمل والذي قد يصل بنا إلى مرحلة اليأس وفقدان الأمل. غني عن القول إن استجابات تلقائية كهذه قلما تفيد في مواجهة المواقف الصعبة، فهي تغرقنا في دوامة من خداع النفس إلى الجهد السلبي وصولا إلى الإحباط.
هذا الوقت سوف يمضي
الحقيقة هي أن أي موقف صعب نحن فيه حتما سيمضي وسنتجاوزه. سأل أحد ملوك الهند وزيره، أن ينقش على خاتم له جملة إذا قرأها وهو حزين فرح، وإذا قرأها وهو سعيد حزن. فنقش الوزير على خاتمه “هذا الوقت سوف يمضي”.فأي نكسة هي وقتية وطال الوقت أو قصر سنتجاوزها. فحال الزمان لا يبقى على حال. وتذكر أن أكبر الأفراح والأحزان التي مرت عليك جميعا مرت وانقضت.
لا يوجد خط مستقيم للقمة
حياتنا مسيرة نجتهد فيها للصعود للقمة، وإذا رأينا مسارات من صعدوا قبلنا، سنرى بوضوح أنه ليس هناك خط مستقيم للقمة. الأمثلة من التاريخ ومن بيئة الأعمال المعاصرة كثيرة منها قصة ستيف جوبز، والذي فصل من شركة أبل التي أسسها ثم عاد إليها وقادها للنجاح. للوصول يجب التغلب على النكسات في معركة مستمرة من الطلوع والنزول. والهدف أن يكون طلوعك أكثر من نزولك. الطلوع يذكرك إلى أن تتجه والنزول يولد طاقة للقفز إلى أعلى. ومع الوقت فإن القفزات ستتجه أعلى وأعلى والنزول سيكون أقل، في حال لم تركن إلى اليأس.
كيف تخرج من الموقف الصعب الذي أنت فيه الآن؟
لترتيب أفكارك ومساعدتك على مواجهة المواقف الصعبة في حينها، تجنب خمسة أمور:
- لا تستعجل – خذ وقتك لتستوعب ماذا يحدث لك الآن، لا ترد ولا تخطط ولا تحارب الآن، فقط افهم الموقف وشعورك حياله.
- لا تهلع – تحكم في شعورك، لا تهلع لأن الهلع يحفزك على ارتكاب أخطاء أكبر قد تعقد الموقف أكثر.
- لا تخف من الفشل – تقبل ما يحدث معك الآن كما تقبلت وأنت طفل فشلك في الوقوف مرات ومع ذلك لم تيأس.
- لا تكن قاسيا على نفسك – لأنك لا تستطيع تغيير ما حدث ولكن تستطيع أن تختار كيف تتعامل معه.
- لا تفقد السيطرة – خذ بزمام الموقف عندما يكون ذهنك مستعدا للتفكير بموضوعية في المشكلة. وقتها حدد خياراتك فمثلا هل تطلب المسامحة إن كنت قد اخطأت أو تطلب فرصة أخرى، أم تسلك طريقا مختلقة للقمة.
وعندما تكون مستعدا، ولتنتشل نفسك من الموقف الصعب الذي أنت فيه الآن، جرب هذه الخمسة تصرفات: (خلاصات عملية لكتاب: تحويل المشكلات إلى فرص)
- ابحث بسرعة عن ميزة واحدة في هذا الموقف السيئ السوداوي وستجدها. وعندما تجدها اشتغل عليها لتحويل الأزمة إلى فرصة.
- طبق القاعدة: “الإجابة الخطأ هى إجابة صحيحة ولكن لسؤال آخر!” فالموقف الصعب (خطأ بالنسبة لك) ولكنه الموقف الصحيح والمناسب تماما لتقوم بتصرف مغاير واستثمار مغاير. وهناك حالات كثيرة لمن استغلوا موقف صعب للقفز إلى نجاح باهر.
- الآن، بعد 1، 2 تستطيع أن تحول خوفك إلى إثارة.
- ويمكنك أيضا أن تقوم بمناورة عكسية تخالف ما اعتدنا عليه في المواقف الصعبة من جدية زائدة وتوتر وأجواء أسف وحزن: “ما أروع أن تبتسم حين يطالبك الناس أن تبكى”. فالبطل أنت هنا، والصبر هنا أن تبتسم وفي عينيك دموع!
- أخيرا، ضع السيناريو الأسوأ للمتوقع، واقترب من الأسوأ… ليكن مألوفا لك ومعروفا مسبقا، ربما لا يثير كل هذه المخاوف والهواجس، وربما توجد تغرة أو فرصة في هذا السيناريو “الأسوأ”… أقلها خفضت كثيرا من توترك.
قديما قيل ما لا يكسرك يقويك. والحياة لا تشكلها اللحظات القصيرة التي ننعم فيها بالنجاح فحسب، وإنما ما نفعله عندما لا تجري الأمور كما نريد.