مهارة يغفل عنها الكثيرون، تعلمها في 3 خطوات

Unsplash photo

نبدأ حديثنا مع أي شخص دائمًا بتحيته ثم بسؤاله عن حاله، وغالبًا يكون جوابه: “بخير الحمد لله” لكن لنفترض أن كل من نسألهم قرروا الإجابة عن هذا السؤال بصراحة وبعيدًا عن الأعراف الاجتماعية، أكاد أجزم ان الجواب سيكون غالبًا “مُتعب، مرهق”. لماذا؟ لأننا نعيش في عالم متطلب وحياتنا أصبحت مثقلة بمسؤوليات ومهام لانهائية.

لذلك لن نستغرب إذا علمنا مثلًا أن منصة تريلو Trello التي تساعدك على إدارة المهام وتنظيمها لديها 50 مليون مستخدم حول العالم وفق آخر إحصائية، ناهيك عن أرقام المنصات الأخرى المنافسة. هذه الأرقام ترسم لنا صورة واضحةً عن أهمية التنظيم في حياتنا اليومية المعاصرة.

لا شك أن لمهارة تنظيم المهام والأعمال أثر واضح على زيادة الإنتاجية وتحسين مخرجاتها، لكن غالبًا ما نربط إدارة المهام بإدارة الوقت فقط ونغفل إدارة أخرى لا تقل أهمية عنها، وهي إدارة الطاقة.

ربما أنت تدير طاقتك بلا وعي، لكن الوعي بها والتخطيط على أساسها يساعداننا بصورة فعالة على الإنجاز وتحقيق الأهداف، ولكن قبل أن نمضي قدمًا، أريد أن أخبرك عن كيف أدركت أهمية هذه المهارة.

في كل السباقات الرياضية هدف الفوز واضح من الكلمة نفسها “سباق”؛ أي أن تتقدم الآخرين، أن تسبقهم إلى خط النهاية، وبسبب ذلك يقع الكثير من المبتدئين في السباقات الرياضية في خطأ فادح.

في أحد السباقات الخاصة بالدراجات، انطلقت صافرة البداية، بدأت بتحريك العجلة ببطء وعن يميني وعن يساري الدراجون يمسكون بمقود التوجيه، كنا نمشي مثل صوت آلات موسيقية متناغمة، بلا صوت ناشز، كان السباق عامًا، وبإمكان أي من يملك دراجة أن يشارك فيه، لذلك ما أن قطعنا مسافة قصيرة، حتى بدأ بعض الدراجين، يحثون أرجلهم على الإسراع، كان بجانبي دراج يلبس قميصًا برتقاليًا، حين رأى الدراجين الآخرين يسرعون تحفز وأسرع معهم، وبحكم تجاربي السابقة في السباقات، فكنت أسرع قليلًا ثم أهدئ السرعة قليلًا، قطعت مسافة ليس بقصيرة على هذه الوتيرة، وحين انتصف الطريق رأيت صاحبنا وقميصه البرتقالي، كان يمسح جبينه وأنفاسه تتسارع بجانب دراجته.

 بطبيعة الحال، لم يكن صاحبنا هو الفائز بالمركز الأول، وربما لم يكمل السباق، لأنه ببساطة لم يدر طاقته ووقته بحكمة.

إن إدارة الوقت مهارة فعالة ولا غنى عنها، ولكن هذه المهارة لا تكتمل إلا بمهارة إدارة الطاقة، إذ إن الوقت مصدر غير قابل للتجدد، ولكن الطاقة مصدر متجدد ويمكننا التحكم فيها لصالحنا.

فلو افترضنا أن لديك مهامًا متعددة في يوم معين وقد وزعتها زمنيًا، ثم بدأت بأول مهمة واستنفذت فيها طاقتك، فلن تستطيع إنجاز كل المهام المتبقية إذ ستواجه تحدي في إنجاز بقية المهام بنفس المستوى والحماس.

لذلك فمن خلال ممارستي الرياضة، وعملي في قطاعات وتخصصات متنوعة، تعلمت مهارة إدارة الطاقة وصرت أطبقها بتلقائية، إليك كيف تطبق هذه المهارة بـ 3 خطوات:  

  1. اعرف أوقات نشاطك: لكل جسد وعقل أوقات نشاط وقوة وأوقات خمول وتعب، فمثلًا ترى إنسانًا ينشط في الصباح وآخر في المساء، حدد أيهما أنت وبعد ذلك أدِّ المهام التي تحتاج إلى تركيز في أوقات النشاط، واترك المهام البسيطة للأوقات التي لا تكون فيها بكامل طاقتك.
  2. لاحظ أثر عاداتك ونشاطاتك: فبعض العادات والنشاطات تمدنا بالطاقة مثل الإفطار الخفيف والرياضة والإجازات المتقطعة وبعضها يتعبنا مثل السهر والأكل غير الصحي ومجالسة السلبيين، وبعد أن تلاحظ عاداتك ونشاطاتك ركز على زيادة ممارسة ما يساعدك منها، وحاول التقليل مما يستهلك طاقتك. 
  3. قسم المهام إلى نوعين: هناك مهام تستهلك طاقة كبيرة وتحتاج جهدًا ومهام تستهلك طاقة صغيرة وتتطلب جهدًا أقل. قسم مهامك على هذا الأساس ووزعها بناءً على الطاقة المطلوبة، ومن المهم أن توزع كل مهمة كبيرة إلى مهام صغيرة متفرقة لتعزز شعور الإنجاز.

أخيرًا، تذكر أن بداخلك طاقة هائلة محتجزة تنتظر الخروج، وأنت الوحيد القادر على تحريرها. من الطبيعي أن تشعر أحيانًا بالخمول والكسل لكن هذا لا ينفي حجم الطاقة الذي تمتلكه، فالإنسان البالغ متوسط الحجم يخزن في دهون جسمه طاقة تعادل بطارية كتلتها 1000 كيلوغرام. لذلك توقف عن تبديد طاقتك الذهنية والجسدية وابدء حياتك، لديك قدرات غير محدودة وما عليك سوى الوعي بها واتخاذ القرارات الصحيحة حتى تستفيد منها.

الردود

  1. مشبب اليامي :

    اتفق معاك استاذ بدر ….حقيقة الامر ان من يوصل الى هذه المرحله من تنظيم الوقت وتنظيم الطاقه فقد بلغ مرحلة النضوج الروحي المتكامل
    .self actualization
    وهذا معناه القدره على الاقتناع والتعايش مع الواقع وتقبل الامور عسرها ويسرها.بالتالي سيجد نفسه قادرا على تنظيم الوقت جيدا واستغلال الطاقات الكامنه.

    لا انسى ابدا الدكتور سيفن كوفي في التسعينات عندما اثرى ثقافة المدراء والشركات بتاليفه العادات السبع …لقد تغيرت حياتي كثيرا عندما قراتها في ٩٣ ميلادي….من ضمنها العاده السابعه واللتي تركز على الريااضه والطاقه.

    حفظكم الله اخوي بدر وشهركم مبارك.

    مشبب اليامي

  2. Zaki Krayem :

    إذ إن الوقت مصدر غير قابل للتجدد، ولكن الطاقة مصدر متجدد ويمكننا التحكم فيها لصالحنا.
    رائعة دكتور. اشتقنالك.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.